من يحكم في ليبيا؟
في طرابلس حكومةُ الوفاقِ برئاسةِ فايز السّرَاج المعترف بها دوليًا بموجبِ اتفاق الصخيرات 11 يوليو 2015. إلا أن الاتفاقَ لم يكن في حقيقة ِالأمرِ ولادةً جديدةً للدولةِ الليبِيّةِ، فقد أبقى على مجلسِ نوابِ (طبرق) 2014، برغمِ قرارِ حَلِهِ من قبلِ الدائرة ِالدستوريةِ في المحكمةِ العليا بطرابلس، نوفمبر 2014!
لم تتمكن حكومةُ الوفاقِ من فرضِ سيطرتِها على البلاد، ولم يتمْ التوصلُ إلى تسويةٍ شاملةٍ، في فترةِ السنتين التي حددها اتفاق الصخيرات. بالتوازي: ظهرت قوةٌ عسكرية ٌجديدة،ٌ بقيادةِ الجنرال المتقاعد خليفة حَفْتر، تتحدى سلطة حكومة السّرَاج، ما لبثت أن فرضت سيطرتها على أجزاء كبيرة من ليبيا، بما فيها معظم حقولِ النفط وموانئ تَصْدِيْرِهِ، دون أن يعني ذلك بالضرورة، الحصول على عائداتِ النفطِ، التي تذهب لحكومةِ الوفاقِ في طرابلس! أعلن الجنرال حَفْتر زَحْفَهُ للاستيلاءِ على العاصمةِ طرابلس، أبريل 2019. إلا أنه إلى اليوم لم تسقط طرابلس، وكذا لم تسقط حكومةُ الوفاقِ!
علمياً و«فنياً»: مِنْ أهمِ شروطِ قيامِ الدولةِ تَوَفّرُ سلطةٍ وطنيةٍ فاعلةٍ وقادرةٍ، بإرادةٍ ماضيةٍ (الحكومة)، لممارسةِ السيادة ِالحصريةِ الشاملةِ على البلادِ. هذا الشرطُ لا يتوفرُ لحكومةِ فايز السّرَاجِ، كما أن قواتَ الجنرال حَفْتر لم تتمكن من فرضه بالقوة بالاستيلاءِ على العاصمة، وإسقاطِ حكومة الوفاقِ. الاعترافُ الدوليُ، يرى الكثيرون من علماءِ السياسةِ وفقهاءِ القانونِ الدستورِي، ليس شرطاً لقيام الدولِ، وإن كان نتيجةً لذلك. هناك دولٌ فَرَضت وجودَها بتوفرِ عناصرها الرئيسية، ولم يُعترف بها، مثل: جمهورية الصين الشعبية، التي تأخر اعتراف العالم بها ثلاثة عقود، دون أن يحولَ ذلك دون وجودِها.
تبقى، إذن: حكومَةُ الوفاقِ الليبيةِ في طرابلس، من الناحيةِ السياسيةِ، عاجزة ٌعن فرضِ سلطَتِها على البلادِ. كما لم تتمكن قوات الجنرالِ حَفْتر من فرضِ سيطرتِها على باقي البلاد. في حقيقةِ الأمرِ: النظامُ الدوليُ يَظلُ المتغير الأساس للصراع في ليبيا.. وبالتبعيةِ: تحديدُ مصير الدولةِ الليبيةِ. هناك اتفاقٌ أمميٌ بالإبقاء على وحدةِ الدولةِ الليبية. هناك، أيضاً: إجماعٌ دوليٌ على مرجعيةِ اتفاقِ الصخيرات. الأهم: هناك، في الجانبِ الرسميِ، اتفاقٌ دوليٌ على شرعيةِ حكومةِ الوفاقِ.. يقابِلهُ: نفورٌ رسميٌ أمميٌ من شبهةِ أيِ علاقةٍ أو دعمٍ للجنرال حَفْتر ومحاولاتِهِ فرض حلٍ عسكريٍ للأزمةِ، وإن كان هذا الأمرُ لا يعكسُ حقيقةَ مواقف الكثيرِ من القوى الإقليميةِ والدوليةِ، التي تلعبُ على المسرحِ الليبِيِ.
المتغيرُ الدوليُ، هو العامل الأساس في المشكلة الليبية، حيث يقفز بمتغيرِ الاعتراف الدولي، إلى صدارةِ المكوناتِ الأساسيةِ لوجودِ الدولِ. تطورٌ غير مسبوقٍ في نشأةِ الدولِ.. أو إعادةِ تشكِيلِها.
* كاتب سعودي
talalbannan@icloud.com
في طرابلس حكومةُ الوفاقِ برئاسةِ فايز السّرَاج المعترف بها دوليًا بموجبِ اتفاق الصخيرات 11 يوليو 2015. إلا أن الاتفاقَ لم يكن في حقيقة ِالأمرِ ولادةً جديدةً للدولةِ الليبِيّةِ، فقد أبقى على مجلسِ نوابِ (طبرق) 2014، برغمِ قرارِ حَلِهِ من قبلِ الدائرة ِالدستوريةِ في المحكمةِ العليا بطرابلس، نوفمبر 2014!
لم تتمكن حكومةُ الوفاقِ من فرضِ سيطرتِها على البلاد، ولم يتمْ التوصلُ إلى تسويةٍ شاملةٍ، في فترةِ السنتين التي حددها اتفاق الصخيرات. بالتوازي: ظهرت قوةٌ عسكرية ٌجديدة،ٌ بقيادةِ الجنرال المتقاعد خليفة حَفْتر، تتحدى سلطة حكومة السّرَاج، ما لبثت أن فرضت سيطرتها على أجزاء كبيرة من ليبيا، بما فيها معظم حقولِ النفط وموانئ تَصْدِيْرِهِ، دون أن يعني ذلك بالضرورة، الحصول على عائداتِ النفطِ، التي تذهب لحكومةِ الوفاقِ في طرابلس! أعلن الجنرال حَفْتر زَحْفَهُ للاستيلاءِ على العاصمةِ طرابلس، أبريل 2019. إلا أنه إلى اليوم لم تسقط طرابلس، وكذا لم تسقط حكومةُ الوفاقِ!
علمياً و«فنياً»: مِنْ أهمِ شروطِ قيامِ الدولةِ تَوَفّرُ سلطةٍ وطنيةٍ فاعلةٍ وقادرةٍ، بإرادةٍ ماضيةٍ (الحكومة)، لممارسةِ السيادة ِالحصريةِ الشاملةِ على البلادِ. هذا الشرطُ لا يتوفرُ لحكومةِ فايز السّرَاجِ، كما أن قواتَ الجنرال حَفْتر لم تتمكن من فرضه بالقوة بالاستيلاءِ على العاصمة، وإسقاطِ حكومة الوفاقِ. الاعترافُ الدوليُ، يرى الكثيرون من علماءِ السياسةِ وفقهاءِ القانونِ الدستورِي، ليس شرطاً لقيام الدولِ، وإن كان نتيجةً لذلك. هناك دولٌ فَرَضت وجودَها بتوفرِ عناصرها الرئيسية، ولم يُعترف بها، مثل: جمهورية الصين الشعبية، التي تأخر اعتراف العالم بها ثلاثة عقود، دون أن يحولَ ذلك دون وجودِها.
تبقى، إذن: حكومَةُ الوفاقِ الليبيةِ في طرابلس، من الناحيةِ السياسيةِ، عاجزة ٌعن فرضِ سلطَتِها على البلادِ. كما لم تتمكن قوات الجنرالِ حَفْتر من فرضِ سيطرتِها على باقي البلاد. في حقيقةِ الأمرِ: النظامُ الدوليُ يَظلُ المتغير الأساس للصراع في ليبيا.. وبالتبعيةِ: تحديدُ مصير الدولةِ الليبيةِ. هناك اتفاقٌ أمميٌ بالإبقاء على وحدةِ الدولةِ الليبية. هناك، أيضاً: إجماعٌ دوليٌ على مرجعيةِ اتفاقِ الصخيرات. الأهم: هناك، في الجانبِ الرسميِ، اتفاقٌ دوليٌ على شرعيةِ حكومةِ الوفاقِ.. يقابِلهُ: نفورٌ رسميٌ أمميٌ من شبهةِ أيِ علاقةٍ أو دعمٍ للجنرال حَفْتر ومحاولاتِهِ فرض حلٍ عسكريٍ للأزمةِ، وإن كان هذا الأمرُ لا يعكسُ حقيقةَ مواقف الكثيرِ من القوى الإقليميةِ والدوليةِ، التي تلعبُ على المسرحِ الليبِيِ.
المتغيرُ الدوليُ، هو العامل الأساس في المشكلة الليبية، حيث يقفز بمتغيرِ الاعتراف الدولي، إلى صدارةِ المكوناتِ الأساسيةِ لوجودِ الدولِ. تطورٌ غير مسبوقٍ في نشأةِ الدولِ.. أو إعادةِ تشكِيلِها.
* كاتب سعودي
talalbannan@icloud.com